حبيب قلبى الغالى ... والدى العزيز الغائب الحاضر
.............
وحشــــتنا جدا يا أبويــــا
زى النهارده من خمس سنين ...
وعند آذان فجر الثلاثاء 28-11-2006 ، لبيت نداء ربك :" يأيتها النفس المطمئنة
ارجعى الى ربك راضية مرضية فأدخلى فى
عبادى وأدخلى جنتى " صدق الله العظيم . ومازلنا ندعو الله سبحانه وتعالى
العلى القدير أن تكون من أهل جنته وأن يجعل عملك الصالح خير أنيس و جليس لك فى
قبرك وأن يوسعه لك مد بصرك وأن يفتح عليك فيه بنور من الجنة وأن يريك عز وجل مكانك
فى الجنة فتطمأن روحك ، وأن يبدلك أهلا خيرا منا ، فهو ولى ذلك والقادر عليه .
وهانحن نأمل فى الله خيرا لك ولكل أمواتنا المسلمين ، فلقد كنت أنت
ممن أختصهم الله بأن يكونوا ممن يقضون بين الناس بالحق ، نعم يا أبى فلم أعد أتعجب وأنا أسمع ممن أعرفهم ومن لا
أراهم فى حياتك وهم يثنون عليك وعلى علمك بعملك وحبك وبحثك ومؤلفاتك فى كتب
القانون للوصول الى الحقائق وإرساء العدل بين المتخاصمين فى ساحات المحاكم ،
وماكنت فى هذه الأثناء إلا أن أدعو الله عز وجل أن يجعل عملك الصالح وقولك الحق
(بإذن الله ) خير مؤنس لك فى وحشة القبر .
أبى العزيز الغالى ، نفتقدك
.. نفتقدك .. نفتقدك
فلقد كنت أنت بمثابة عمودنا الفقرى الذى يشد من
أذرنا ويقوى همتنا، فكم صعبة هى الحياة ، نعم صعبة ، فانا أحاول أن أتخيل أولادى
عند مماتى ، هل سأنجح فى تربيتهم على المثل والمبادئ كما علمتنا ؟ ، وكيف ياأبى ،
لقد تغير الحال وتبدلت الافكار و الاخلاق و وتباينت مستويات القياس وضاعت المثل
العليا و راحت القدوة ، صدقنى لم أبالغ ، بالفعل بات من الصعوبة علينا ان نربى أولادنا،
أو حتى ننجح فى أن نضمن لهم قسط من العلم يمكنهم من التنافس على مهنة محترمة وشريفة .
تصور يا أبى العزيز الغالى
والحبيب الى روحى ، ولى العهد "محمد" ابنى الكبير وصل الآن الصف الثانى
الاعدادى (13 سنة ) يا بابا ، والاستاذ" نور الدين" فى الصف الخامس الابتدائى
( 10 سنين ) والليدى" ملك" فى كى جى2( 5.5 سنين) ، فبدأت أسال ممكن
يطلعوا يشتغلوا ايه ؟؟ ، وأدركت أنه أصعب سؤال هذه الايام .. فلم يعد أحد يدرى ما
الصورة التى ستكون عليها مصر؟ ، أو بالأحرى ما الذى ممكن أن يحدث فى مصر خلال
أسبوع واحد ؟؟ ، فلقد تأزمت المواقف وزاد الاحتقان فى البلاد ، وأصبحت أنا ممن
يندمون على بقائهم فى هذه البلد ، فكما عودتنا أنت أن نتخذ العبرة والقدوة دائما
من العناصر الناجحة والواعدة والمبشرة بمسقبل مشرق ، فلم أجد من جيلى والجيل
السابق الا من هم خارج البلاد .
فكل ما أتذكرك وأنت تعرض على
بعد النجاح فى الثانوية العامة أن ألتحق بكلية الحقوق ، وأنا أرفض كى لا أكون ممن
يستفيدوا بالإمتياز والإلتحاق بالنيابة لكونهم من أبناء رجال القضاء ، فكم كنت
ديمقراطى معى لأقصى درجة ، وأنت تدعو الله لى التوفيق فى أى مجال وأنت تعلم أن
المستقبل بيدى الله .
كم كنت عظيما وأنت تكرر
المشهد ذاته وتترك الاختيار لأخى "خالد" بالالتحاق بكلية الهندسة ، كنا
نتوقع وقتها أن من يكدح ويعرق ويبذل قصارى جهده فى ميادين عمله وعلمه سيكون من
ناجحى جيله ويستطيع أن يوفرلأسرته الصغيرة قدر بسيط من الأمن والامان والستر وأساس
لمستقبل شريف ، لم يكن لديك الكثير من أساليب هذا الزمان لنتعلم منك الحنجلة
والفهلوة واللف والدوران وتظبيط رؤسائنا والتملق والتسلق والحاجات اللى بتعمل من
أصحابها كيانات وأصحاب مراكز مادية مليانة وساعتها بيتقال عليها محترمة..!!
تعرف انه قامت فى مصرنا ثورة
كبيرة على النظام ، أتمنى من الله أن تكون على هذه العادات و السلوكيات والمبادئ السيئة
وليست على الأشخاص و بس ... وأعدك أن كان فى العمر بقية ، هأحكيلك اللى هيحصلنا
واللى لسه قلقنى أوى يا أبويا العزيز ...
رحمك الله وستظل دوما لنا الغائب الحاضر ..
ابنك اللى بيحبك ويقدرك / وليد رشــاد